اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

ملتقى الجامع الأزهر: مكارم الأخلاق معروفة منذ التاريخ الإنساني

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

عُقد ملتقى "الأزهر" الأسبوعي بالجامع الأزهر تحت عنوان "حقوق الجار"، وحاضر فيه؛ د. محمود الصاوي الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام الديني بجامعة الأزهر، ود. مجدي عبد الغفار حبيب، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، ود. يسري جعفر أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين وعضو اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة بجامعة الأزهر.

جاء ذلك تحت برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر.

استهل د. يسري جعفر اللقاء معرِفا معنى الجار، فهو الذي يجاورني في المسكن وهو أجلى صور الجوار وأوضحها، وقد يكون الجار في العمل، أو من يجاورني فترة من الزمان سواء كانت قليلة أو كثيرة فهذا المفهوم قد يتسع أو يضيق.

كما عرج د. جعفر يسري قائلًا؛ إذا نظرنا لكلام ابن شهاب الزهري رضي الله عنه وهو يتحدث عن حدود الجار ويقول هي أربعين داراً عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يده، ولقد زخرت الآيات القرآنية بالحديث عن الجار، فحينما نتأمل في قول الله تعالى{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ} فهذه الأبعاد التي نصت عليها الآية الكريمة، تبين مدى اهتمام الإسلام بقيمة الجار وحقوقه، ولأن النبي ﷺ جاء مؤسسا ومبينا لهذه القواعد الأخلاقية الموجودة في التاريخ قديما.

قال ﷺ "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ومكارم الأخلاق كانت معروفة منذ التاريخ الإنساني القديم وحثت عليه الشريعة الإسلامية، ومن ينظر في القيم الإسلامية من أقلها لأعلاها يجد أنها قيم بناء تتعلق بقضية الجوار.

من جانبه أوضح د. محمود الصاوي، أن علماء الأمة عبر التاريخ أعطوا لقضية الجوار أهمية كبيرة، وألفوا فيها مؤلفات فعلى سبيل المثال لا الحصر " الإمام شمس الدين الذهبي ألف كتاب أسماه "حقوق الجار"، فقضية الجوار في منتهى الأهمية، فهي مرتبطة بالأمن المجتمعي، فالجار السيئ يحدث إشكالات كثيرة في محيطه ومجتمعه، لذلك قرن الله سبحانه وتعالى هذه القضية بقضية عبادته وتوحيده جل جلاله، وذلك واضح في قوله تعالى" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ" وإن نظرنا لسنة نبينا ﷺ نجدها ذكرت قضية الجوار في أحاديث كثيرة حيث قال ﷺ:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره" وفي رواية " فليحسن مجاورة من جاوره" وقال رسول الله ﷺ "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره"، وشريعتنا الإسلامية أجازت لعن من آذي جاره ويتجلى ذلك في الحوار بين نبينا ﷺ والرجل الذي جاء للنبي ﷺ يشكوا مرارًأ سوء خلق جاره، فأوصاه النبي ﷺ بالصبر، وفي المرة الثالثة قال له ﷺ خذ متاعك وضعه على الطريق - طالما لم يحفظ هذا الجار حق الجوار ونغص على جاره عيشته - فأراد النبي ﷺ أن يرسم له سبيلا للاحتجاج، فأخذ الرجل متاعك وضعه على الطريق، وكلما مر عليه ملأ من الناس سألوه ما هذا؟ قال إنّ جاري يؤذيني، فيسبون جاره ويلعنونه إلى أن عاد هذا الجار المؤذي إلى رشده وذهب إلى جاره وقال له خذ متاعك واذهب إلى دارك فاني لن أؤذيك.

وأوصى د. الصاوي الآباء بأن يورثوا بنيهم الأخلاق الحسنة مثل حسن الجوار لتكون في ميزان حسناتهم يوم القيامة امتثالا لقول النبي ﷺ:" مَن سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها ، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها ، لا يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً فعملَ بِها ، كانَ عليهِ وزرُها وَوِزْرُ مَن عملَ بِها من بعده لا ينقصُ من أوزارِهِم شيئًا"

من جهته أشار د. مجدي حبيب، إلى أن قضية الإساءة والإحسان في الجوار تبدأ من المسجد، فمن أحسن الجوار في الصلاة أحسن الجوار في الحياة ومن أساء الجوار في الصلاة أساء الجوار في الحياة، مبينًأ عقوبة من لم يأمن الناس بوائقه، قال النبي ﷺ:" إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره"، وقال النبي ﷺ "من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله فليس ذلك بمؤمن، وليس بمؤمن من لم يأمن جاره بوائقه"، فالذي يؤذي جاره ليس بكامل الإيمان.

وحذر د. مجدي عبد الغفار، قائلًا: من أساء الجوار " يا جائر غدا ستكون على الصراط حائر.. يا جائر غدا ستكون بين يدي الله حائر، فاضمم إليك جارك وأحسن الجوار إلى جارك"

فالجار ليس الذي يجاورك فقط، وهذا أوضحه سيدنا علي رضي الله عنه حينما قال : "من سمع النداء فهو جار"، أي كل من يسمع صوت مؤذن الحي الذي يؤذن بدون مكبر صوت، فهو جار لك.

من جهته بيّن د. محمد عبد الخالق، بأن المجتمع الذي تنصل فيه الناس من كل القيم والاخلاق فلا قيمة لجيرانهم عندهم، يفتقدونهم عند الحاجة فلا يساعدونهم ولا يشاركونهم الأفراح والأتراح، وفي هذا قال رسول الإنسانية سيدنا محمد ﷺ:": واللهِ لا يؤمنُ، واللهِ لا يؤمنُ ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمنُ جارُهُ بوائِقَهُ"

وقد كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الذّمار، ويتفاخرون بحسن الجوار، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار،

أما واقعنا الآن يصدق فيه قول الشاعر:

يَلُومُونَنِي أن بِعْت بِالرُّخْصِ مَنْزِلي وَلَمْ يَعْلموا جَارًا هُنَاكَ يُنَغِّصُ

فَقُلْت لَهُـمْ كُفّـوا الْمَلَامَ فَإِنَّهَا بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ

فإذا ما كانت العلاقة بين الجيران حسنة كان المجتمع مستقرا آمنا، فالأمن مرهون بحسن الجوار.

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found