اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

ما سر ارتفاع حصيلة الوفيات في صفوف الحجاج لهذا الرقم؟

في كل عام، يتوافد الملايين من المسلمين إلى الأماكن المقدسة في السعودية لأداء فريضة الحج، وهي من أهم الركائز الدينية والروحية في الإسلام، ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أصبحت رحلة الحج مليئة بالمآسي والمشاكل التي تعكس إخفاقات واضحة في التخطيط والتنظيم والرعاية الصحية للحجاج، هذه المعاناة تستحق الوقوف عندها بشكل مفصل.

لا يخفى على أحد المشاهد المؤلمة التي انتشرت عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية خلال موسم الحج المنصرم، من جثامين ملقاة بين النفايات وحجاج مفقودين في الصحراء الشاسعة دون أن يجد أحد منهم من يبحث عنهم. هذه المناظر المؤلمة تعكس إهمالاً لا يغتفر من الجهات المسؤولة عن تنظيم الحج وتوفير الرعاية اللازمة للحجاج.

لم يقتصر الإهمال على المظاهر الخارجية فحسب، بل امتد ليشمل الجوانب الصحية والإدارية، حيث شهدت المستشفيات والمرافق الطبية في المشاعر المقدسة ازدحامًا كبيرًا بالحجاج في حالات خطرة، بسبب الإرهاق والإجهاد والإهمال الطبي الذي تعرضوا له. كما برزت أيضًا مشاكل في عمليات نقل الحجاج وأعطال المكيفات في الخيام، مما أسهم في ارتفاع معدلات الوفيات.

في ظل هذه الكارثة الإنسانية، بدأت الأطراف المعنية بتبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية على بعضهم البعض، فالسلطات السعودية تؤكد على توفير الرعاية اللازمة للحجاج، في حين أن وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن الواقع المرير الذي يعيشه الحجاج، كما حُمّل الحجاج أنفسهم جزءًا من المسؤولية بسبب اللجوء إلى سماسرة الحج والرحلات غير النظامية.

باعتراف وكالات الأنباء العالمية فإن مصر حجزت مقعدها في مقدمة الكارثة بوفاة 323 حاجا (الرقم قابل للزيادة) بفارق 179 حالة وفاة عن أقرب منافس لها وهي إندونسيا التي حصلت على المركز الثاني (144 حالة وفاة).

مقابل الإعلامي الرسمي للسعودية الذي سلّط الضوء على العناية الفائقة التي يحظى بها الحجاج في جميع تحركاتهم خلال المشاعر المقدسة، فإن السوشيال ميديا أظهرت العكس، بتسجيل مقاطع فيديو صادمة، تظهر مدى الإهمال الذي يتعرض له الكثير من الحجاج.

إهمال وصل إلى ذروته في عمليات نقلهم، وأعطال المكيفات في الخيام، وغياب الرعاية الطبية، تحالفت معه الأمراض المزمنة للحجاج من كبار السن، ودرجة الحرارة العالية (تخطت 50 درجة مئوية) ليكون الموت هو النتيجة الطبيعة في نهاية الأمر.

أصابع الاتهام تعددت لتشير إلى أكثر من جهة، وكل جهة تتنصل من المسؤولية وتشير بدورها إلى جهة أخرى، لتتفرق دماء الحجاج بين الجهات المختلفة، في الوقت الذي ماتزال بعض الجثامين في حاجة إلى تصاريح دفن، وأعداد من الحجاج مفقودين ولم يتم العثور عليهم.

الحجاج أيضا لم يسلموا من الاتهامات، حمّلهم البعض مسؤولية موتهم، واتهمهم بالسعي لهلاك أنفسهم، بعد أن استسلموا لسماسرة الحج، في رحلات غير نظامية، ما جعلهم يستحقون ما حدث لهم، ما جعل الأزهر يدخل على خط المواجهة.

الدكتور عباس شومان أمين هيئة كبار العلماء كتب منشورا على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قال فيه "يجب محاسبة من تاجروا بأحلام البسطاء ونظموا رحلات حج بتأشيرات الزيارة وهم يعلمون مخاطرها".

وأضاف: "لا يعجبني استغلال تأشيرات الزيارة للحج، ولكن الحديث عن الموتى منهم واتهامهم بتعريض أنفسهم للتهلكة تناول لا جدوى، ويؤلم أهلهم فكفوا عنه، واسألوا الله الرحمة لجميع موتى المسلمين".

عضو الجمعية العمومية لغرف شركات السياحة، مجدي صادق، حمّل المصريين نتجية ما حدث من وفيات ومفقودين قائلًا: "يسافر الكثير من المصريين لأداء العمرة ومن ثم ينتظرون هناك حتى موسم الحج.

وأضاف عضو الجمعية العمومية لغرف شركات السياحة في تصريح لـ"تليجراف مصر": السعودية جهزت خيما تستوعب نحو مليون و800 ألف حاج، لكنها وجدت نفسها أمام مليون آخرين منهم ما لايقل عن 600 ألف مصري، ما أدى إلى "المهازل" التي رأيناها هذا الموسم.

وصفت أمين سر لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، أماني الشعولي، ما حدث للحجاج المصريين بالأراضي السعودية بأنه "لا يُرضي أحدًا" بداية من مداهمة الفنادق والإمساك بالمخالفين، وصولا إلى وفاة عدد كبير منهم.

وأضافت الشعولي، في تصريحات لـ "تليجراف مصر" أنه بمجرد دعوة المجلس للانعقاد، والمرجح أن يكون الأسبوع المقبل، أي بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، سيتم الوقوف على جميع الأسباب التي أدت إلى وفاة الحجاج ومحاسبة المسؤول عن ذلك.

وتابعت "كنا خايفين من اللي حصل، ونوهنا إلى الشركات الوهمية، إن محدش يروح وراهم إحنا عاوزين نضمن لهم حقهم ونحافظ على حياتهم، ولكن للأسف، محدش سمع الكلام".

من جانبها أعلنت الخارجية المصرية بذل جهود مكثفة بالتعاون مع السلطات السعودية لمتابعة عمليات البحث عن المواطنين المصريين المفقودين بين صفوف الحجاج، وما تواتر عن وقوع أعداد من الوفيات خلال موسم الحج الحالي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد أبو زيد، بأن السفارة في الرياض أوفدت بعثة قنصلية إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة للوقوف على تطورات الوضع الراهن ومتابعة جهود البحث عن المفقودين المصريين بالتنسيق مع السلطات السعودية، بتوجيه مباشر من سامح شكري.

أضاف، أنه كلفت البعثة أيضا، بإجراء الزيارات الميدانية للمستشفيات والمراكز الطبية التي يتواجد بها مواطنون مصريون للاطمئنان على أوضاعهم والتأكد من حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات الخاصة بنقل جثامين المواطنين الذين وافتهم المنية، ويرغب ذويهم في إعادة جثامينهم إلى أرض الوطن، مع التنسيق الدائم والمستمر في هذا الشأن مع بعثة الحج الرسمية المصرية بالمملكة العربية السعودية

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found