اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

معالجة تغير المناخ في جنوب أفريقيا.. تقييم ضريبة الكربون الأوروبية وآلياتها البديلة

ضريبة الكربون الأوروبية في جنوب أفريقيا
ضريبة الكربون الأوروبية في جنوب أفريقيا

ضريبة الكربون الأوروبية هي إحدى السياسات البيئية التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من تغير المناخ. ومع أن هذه الضريبة تطبق في الاتحاد الأوروبي، فإن تأثيرها يمتد إلى العديد من البلدان والمناطق الأخرى حول العالم، بما في ذلك جنوب أفريقيا.

تتبع جنوب أفريقيا سياساتها الخاصة فيما يتعلق بتقليل الانبعاثات والحفاظ على البيئة. ومع ذلك، قد تؤثر ضريبة الكربون الأوروبية على اقتصادات الدول النامية مثل جنوب أفريقيا بطرق عدة، بما في ذلك:

التأثير على الصادرات والواردات، حيث قد تزيد الضريبة الأوروبية على تكلفة الصادرات المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي من جنوب أفريقيا، مما يجعل المنتجات الجنوب أفريقية أقل تنافسية في السوق الأوروبية. على الجانب الآخر، قد تزيد تكلفة الاستيرادات من الاتحاد الأوروبي، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي.

ضغوط على الصناعات الملوثة، يمكن أن تضطر الشركات الجنوب أفريقية التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري والصناعات الثقيلة إلى تكاليف إضافية للامتثال لمعايير الانبعاثات الأوروبية، مما قد يؤدي إلى زيادة التكلفة وتقليل الربحية.

حث على الابتكار البيئي، قد تشجع ضريبة الكربون الأوروبية الشركات في جنوب أفريقيا على الاستثمار في التقنيات البيئية وتطوير مصادر الطاقة المتجددة كبديل عن الوقود الأحفوري، مما يمكن أن يفتح بابًا للفرص الاقتصادية في هذا المجال.

التعاون الدولي والتطبيق المحلي، قد تدفع ضريبة الكربون الأوروبية الحكومة الجنوب أفريقية إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الحد من تغير المناخ وتطبيق سياسات مماثلة داخليًا للتقليل من الانبعاثات.

من المهم أن يوازن القادة الجنوب أفريقيون بين الحاجة إلى تلبية معايير البيئة العالمية وبين مواصلة التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل في البلاد. لذا، قد يكون هناك حاجة إلى استكشاف السياسات والإجراءات التي تحقق التوازن بين هذه الأولويات المتعارضة.

يواجه قطاع المناجم في جنوب أفريقيا -أكبر بلد منتج للانبعاثات في القارة السمراء- تحديات مزدوجة بسبب ضرائب الكربون المحلية والأوروبية.

ويعاني القطاع من ارتفاع تكاليف تشغيل معدّات التعدين التي تعمل بالديزل غالبًا، وهو أحد مشتقات الوقود الأحفوري التي تتعرض بدورها لهجوم حادّ من نشطاء البيئة والمناخ في جنوب أفريقيا والعالم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

واستحوذت تحديات قطاع المناجم في جنوب أفريقيا على فعاليات المؤتمر الدوري لمجلة إي إس آي أفريكا (esi-africa) الجنوب أفريقية، والذي انعقد في مدينة كيب تون في 28 نوفمبر 2022.


واهتم بعض المشاركين بالتركيز على ارتفاع تكاليف التشغيل واستحواذها على جزء كبير من الإنفاق العام لشركات التعدين، بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز ومشتقاتهما المستعملة بتشغيل معدّات المناجم في جنوب أفريقيا.

كانت الشركات تنفق 5% من إجمالي دخلها على تشغيل المناجم قبل 10 سنوات، أمّا الآن فقد ارتفعت التكلفة إلى 35%، بسبب اشتعال أسعار النفط والغاز عالميًا.

وتمثّل هذه التكلفة عبئًا ضخمًا على قطاع المناجم في جنوب أفريقيا، المعوّل عليه في توفير أغلب احتياجات الدولة من الكهرباء بأسعار معقولة، وفقًا للمتحدث باسم جمعية تخزين الطاقة جواني دين.

و"البصمة الكربونية" هي مصطلح متداوَل في مجال البيئة منذ تسعينيات القرن الماضي، ويعني حجم ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي، سواء من أنشطة الأفراد أو الشركات أو المنظمات أو الدول.


أقرّت جنوب أفريقيا في مايو2019 قانون ضرائب الكربون الذي ستُفرَض بموجبه ضريبة على الشركات المسببة لانبعاثات الكربون في البلاد، لإلزامها بالتحول إلى الطاقة النظيفة بطريقة أو بأخرى.

ودخل القانون حيز النفاذ بداية من يونيو2019، إذ فرض -حينها- ضريبة مبدئية بقيمة 120 راند جنوب أفريقي لكل طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.


وانتُقدت هذه الضريبة في وقتها من قبل نشطاء البيئة والمناخ بوصفها متدنية، مقارنة بحجم المخاطر البيئية الناشئة عن انبعاثات شركات الوقود الأحفوري، إذ نصَّ قانون الضريبة على إعادة النظر في شرائحها كل عام حتى 2022، على أن يبدأ تطبيق زيادة تصاعدية كبرى بداية من عام 2023، وفقًا لما أعلنته وزارة الخزانة الجنوب أفريقية في فبراير 2022.


حذر البنك المركزي لجنوب أفريقيا، من أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عرضة لخطر التراجع بنسبة 9.3% حال فرض ضريبة الكربون، التي طبقها الاتحاد الأوروبي العام الماضي على صادرات البلاد خلال العقود القليلة المقبلة.

وأوضح البنك، في تقرير له، أن فرض ضريبة الكربون على جميع المنتجات من جانب كل الشركاء التجاريين الرئيسيين لجنوب إفريقيا؛ يمكن أن يؤدي إلى تراجع الصادرات بنسبة 10.1%، كما سيخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.3% بحلول عام 2050 في دولة تنتج أكثر من 80% من الكهرباء من الفحم.

وأشار أيضا إلى هذه الضريبة سيكون لها تداعيات كبرى على العمالة حيث من المحتمل أن تفقد البلاد 2.6 وظيفة مع التوسع في تطبيقها وحتى حلول منتصف هذا القرن.

لكن البنك لفت إلى أن التداعيات قد تكون أكثر ضعفا في سيناريوهات أخرى تقوم على اعتماد “ضريبة الكربون” من جانب عدد محدود من الشركاء التجاريين فضلا عن تطبيقها على عدد أقل من المنتجات.

ووفقا لتقرير البنك المركزي الجنوب أفريقي؛ فإن المخاطر التي يثيرها التعميم المحتمل لفرض “ضريبة الكربون” يجب أن تسرع انتقال البلاد إلى اقتصاد أكثر اخضرارا.

وأضاف أنه رغم أن جنوب أفريقيا لا تساهم إلا بنسبة 1% من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري؛ إلا أن كثافة الكربون في اقتصادها هي الأعلى بين جميع الدول الأعضاء في مجموعة العشرين.

وقال البنك المركزي في تقريره، إن بريتوريا يمكنها تعويض تأثيرات ضريبة الكربون إذا خفضت كثافة استخدامه في إنتاجها بشكل أسرع.

جدير بالذكر أن ضريبة الكربون هي ضريبة بيئية تختلف كميتها وفقًا لكمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عند استهلاك سلعة أو خدمة أو مورد معين، والغرض الأساسي منها هو تشجيع الشركات والمستهلكين على التحرك نحو إنتاج واستهلاك منخفض الكربون من خلال زيادة التكلفة للمنتجين الأعلى تلويثا.

ودخلت ضريبة الكربون الأوروبية حيز التنفيذ في أكتوبر عام 2023 مع فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات لن يفرض خلالها التزاما بدفع الضريبة حتى عام 2026 بل سيُكتفى بالإبلاغ فقط عن الاقتصادات الأعلى في انبعاثات الكربون.

وستطبق الآلية الأوروبية لتعديل حدود الكربون (MACF) كخطوة أولى على سبعة قطاعات هي: الأسمنت والحديد والصلب والألومنيوم والأسمدة والكهرباء والهيدروجين؛ على أن تتوسع القائمة المشمولة في الضريبة تدريجيا.

وإلى جانب الاتحاد الأوروبي، يفكر شركاء تجاريون مهمون آخرون لجنوب إفريقيا، منهم الولايات المتحدة وكندا واليابان، في فرض ضريبة على الكربون في السنوات المقبلة.

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found