اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

موسم الحج.. الإفتاء تكشف حكم من مات غنيا ولم يحج

الحج
الحج

مع اقتراب موسم الحج، وحرص المسلمين على معرفة أداب وسنن الحج،وكيفية أداء فريضة الحج،ومتى تسقط عن الإنسان.

وفي هذا الإطار ورد سؤال إلى دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، يقول فيه صاحبه“هل يجبُ الحجُّ بمجرد وجود الاستطاعة، أم يجوزُ التأجيل؟ وما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟”.

وأجابت دار الإفتاء قائلة: "على المستطيعِ للحج ماليًّا وبدنيًّا المبادرةُ والتعجيلُ إلى ذلك على سبيلِ النَّدْبِ والاستحباب، فإن غلب على ظنِّه السَّلامةُ والاستطاعةُ بعد ذلك، جاز له تأخيرُه ولا إثْمَ عليه، وإن أدَّاه وقع أداءً لا قضاءً، ويتضيق هذا الوجوب بسبب غلبة الظن بالموت بظهور المرض أو الهَرَم".

وتابعت من كان مستطيعًا وماتَ قبل أدائه فلا يخلو من أن يكونَ قد مات عن وصيَّةٍ وله ترِكَةٌ؛ فيُحَجُّ عنه وجوبًا من ثُلُث ماله على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة، ومن جميعِ ماله على ما ذهب إليه الشافعيَّةُ والحنابلةُ.

وأشارت إلى أن من مات من غير وصيَّةٍ وكان له ترِكَةٌ؛ فلا يلْزَمُ ورثَتَه الحجُّ عنه، بل يستحبُّ؛ خروجًا من الخلاف، ومثله من مات ولم يكن له تركَةٌ ولم يوصِ.

ولفتت دار الإفتاء أنه اتَّفق الفقهاءُ على أنه إذا أوصى بالحج قبل موته وكان له ترِكَةٌ فإنه يُحَجُّ عنه، فيُحَجُّ عنه مِن ثُلُث المال على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة.

واستشهدت بقول العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 222): [وإن مات عن وصيَّة لا يسقطُ الحجُّ عنه، ويجبُ أن يُحَجَّ عنه؛ لأن الوصيَّةَ بالحج قد صحَّتْ.. ويُحَجُّ عنه من ثُلُث ماله، سواء قيد الوصية بالثلث بأن يحج عنه بثلث ماله، أو أطلق بأن أوصى أن يُحَجَّ عنه، أمَّا إذا قيد فظاهر، وكذا إذا أطلق؛ لأنَّ الوصيَّةَ تنفذُ من الثلث] اهـ.

كما استشهدت بقول القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 458، ط. دار ابن حزم): [إذا مات قبل أن يحُجَّ، لم يلزم الحجُّ عنه من رأس ماله ولا من ثلثه إلا أن يوصِيَ بذلك، فيكون ذلك في ثلثه] اهـ.

وأوضحت أنه ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يُحَجُّ عنه من جميعِ التركة، ولم يفرقوا بين ما إذا أوصى أو لم يوصِ؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (7/ 110): [وإن مات بعد التمكُّن من أداء الحج، بأن مات بعد حج الناس استقرَّ الوجوبُ عليه، ووجب الإحجاجُ عنه من تركته] اهـ.

واستشهدت بقول العلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (3/ 233): [متى تُوُفي مَنْ وجبَ عليه الحَجُّ ولم يحُجَّ، وجَبَ أن يُخْرَجَ عنه من جميعِ ماله ما يُحَجُّ به عنه ويُعْتَمَر، سواء فاته بتفريطٍ أو بغيرِ تفريط. وبهذا قال الحسنُ، وطاوسٌ، والشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت، فإن وصَّى بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي] اهـ.

وأشارت إلى أن الفقهاء اختلفوا فيما إذا مات ولم يوصِ بالحج عنه، هل يجب الحج عنه أو لا؟

واوضحت أنه يرى الحنفيَّة والمالكيَّة أن الحجَّ لا يتعلَّقُ بالتركة؛ فإن أوصى بالحج عنه قبل الموت حُجَّ عنه من الثلث، وإن مات ولم يوصِ تسقط عنه الفريضةُ من الأمور الدنيوية، فلا تتعلَّق بالتركة مع أنه مؤاخَذٌ بها في الآخرة، وعلَّلوا ذلك بأنها عبادةٌ بدنيَّةٌ تسقطُ بالموت كالصلاة.

واستشهدت بقول شمس الأئمة العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (27/ 146، ط. دار المعرفة): [فنقول فيما يجب حقًّا لله تعالى خالصًا كالزكاة والحج لا يصير دينًا في التركة بعد الموت مقدَّمًا على الميراث؛ ولكنه ينفذُ من الثلث إن أوصى به كما ينفُذُ بسائرِ التبرُّعات، وإن لم يوصِ به فهو يسقطُ بالموت في أحكام الدنيا، وإن كان مؤاخذًا في الآخرة بالتفريط في الأداء بعد التمكُّن منه، وعلى قول الشافعي يصير ذلك دَينًا في تركته مقدَّمًا على الميراث، أوصى به أو لم يوصِ] اهـ.

ويرى الحنفيَّة والمالكيَّة أن الحجَّ لا يتعلَّقُ بالتركة؛ فإن أوصى بالحج عنه قبل الموت حُجَّ عنه من الثلث، وإن مات ولم يوصِ تسقط عنه الفريضةُ من الأمور الدنيوية، فلا تتعلَّق بالتركة مع أنه مؤاخَذٌ بها في الآخرة، وعلَّلوا ذلك بأنها عبادةٌ بدنيَّةٌ تسقطُ بالموت كالصلاة.

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found