اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

الطائف.. نموذج حافل بالِصلات التاريخية وملتقى حيوي لتجارة الشام واليمن

تكمن أهمية الطائف المنغرسة بجذور التاريخ العميقة؛ بشواهد وثقت منذ العصور القديمة؛ حتى أضحت مدينة في بالغ الأهمية وشاهداً حياً، وعنواناً رسخته الذاكرة في أولى الكتب الثقافية والأدبية.
وتمتاز الطائف بمناخ لطيف ونسيم عليل، وبموقع إستراتيجي متميز، حيث تقع على المنحدرات الشرقية لجبال السروات، وتعد نقطة التقاء رئيسية بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب. والذي جعلها تقع على أهم الطرق التجارية والتي تربط بين اليمن والشام والعراق، أكسبها ذلك سمعة سياحية وتجارية وزراعية، تنامت على إثرها أولى ملامح التاريخ الممتزجة بحضارات الأمم السابقة والمنفردة بالمعالم العلمية والثقافية كسوق عكاظ، الذي يعد كرنفالاً ومسرحًا للأدب والشعر والحكمة يتنافس فيه الكثير من النوابغ والرموز.
ووضعت الطائف منذ الأزل لنفسها أطرًا ثقافية؛ لقربها الجغرافي والتاريخي من مكة المكرمة؛ حتى أصبحت مدرسة شريكة في انتشار الفكر والعلم المكي، والميدان الأرحب في تكوين الحضارات، وما سطره علماؤها من مؤرخين وفقهاء وأدباء أمجادًا بالغة الأهمية، منارة ثقافية وشعاعًا معرفيًا لكافة أقطاب الجزيرة العربية، يفد إليها طلاب العلم لتلقي كل أنواع العلوم والمعرفة.
وشكلت الطائف؛ صورةً ذهنية لدى الكثيرين، وربطت لدى الأجيال بعدها السياحي، ومسرحها المرافق للأحداث الرياضية والفنية، حتى أصبحت جزءًا كبيرًا من النسيج الثقافي الوطني السعودي.
وتربط الطائف ومكة المكرمة علاقة الفكرية، فالمدينتان هُما المركزان الأساسيان اللذان شهدا الأحداث الكبرى في تأسيس الحضارة الإسلامية، التي التقت فيها العقلية المتلهفة على تعاليم الدين، والرابطة للصلات العلمية التي نمت بعلاقتهم الاجتماعية والاقتصادية المتبادلة.


ولعلاقة الطائف ومكة المكرمة أثر واضح في تطوير مختلف مظاهر الحياة، وتحديدًا العلاقة الفكرية، التي استفاد منها أبناء الطائف؛ وذلك لقربهم من قبلة المسلمين؛ فدرسوا في حلقات علمائها، وأخذوا عنهم المؤلفات مما ساهم في تشكيل ثقافة بعضهم في الجوانب العلمية والأدبية.
وأكد المهتم في التاريخ الدكتور منصور الدعجاني في حديثة لوكالة الأنباء السعودية "واس" أنه يستوجب علينا أن ندرك أهمية الطائف في إبراز قيمتها الثقافية، وعمقها الممتد لجذور طويلة من الزمن، وموروثها الثقافي والاقتصادي، وتنوع آثارها الشاملة كالسدود الأثرية، والمباني التاريخية، والقلاع، والحصون، والكتابات، والنقوش، والمساجد الأثرية، وما تميزت به من ازدهار في جميع ميادين العلم والمعرفة والفن والتاريخ.


وأوضح أن تعدد أوجه التأثير الفكري المتبادلة بين الطائف ومكة المكرمة محملة بألوان فكرية مختلفة في اختلاف مناحيها واتجاهاتها، حتى أصبحتا من المدن الأعرق في العديد من المجالات، ونموذجًا حيّا في انتشار المجالس العلمية والأدبية التي توضح دور القريتين في حياة المجتمع المحيط بهما، وما كان لها من أثر في تقوية الروابط الاجتماعية، إذ خلقت هذه الروابط ثقافة مستنيرة ذات أهداف نبيله.


ولفت الدكتور الدعجاني إلى أن الطائف مدينة موغلة في القدم ومن المراكز الحضارية في الحجاز، والتي تعود إلى فترات زمنية قديمة جداً؛ حيث يقدر عمرها في بعض المصادر بأكثر من 5000 سنة؛ و يرى المؤرخ خير الدين الزركلي؛ أنها من أقدم البلاد العامرة؛ ونقل كذلك الصحابي الجليل عبدالله بن العباس -رضي الله عنه- أن الطائف بُنيت في زمن إبراهيم عليه السلام عصر بناء الكعبة المشرفة، وأكثر المفسرين يقولون إنها (إحدى القريتين) استشهادًا بقوله تعالى (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) وأن القريتين هما مكة والطائف.

أهم الأخبار

    xml/K/rss0.xml x0n not found