مسجد العظام في درب المهابيل.. من مقابر مهجورة إلى معلم ديني بارز

تعد مدينة القاهرة موطنًا للعديد من المعالم التاريخية والثقافية الرائعة، ومن بين هذه المعالم المميزة يقع مسجد العِظام في درب المهابيل، وهو مسجد مشهور يحمل تاريخًا مثيرًا وتفاصيل فريدة، يعود أصل هذا المسجد إلى مقابر قديمة كانت تسودها الهدوء والسكون، لكنه تحوّل اليوم إلى معلم ديني بارز يستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم.

التحول من مقابر إلى مسجد

في العام 1863 م، عندما تولى إسماعيل باشا، الابن الأكبر لمحمد علي باشا، حكم مصر، قام السلطان العثماني عبد العزيز بزيارة مصر، ولدى وصوله إلى القاهرة، قام بزيارة مسجد محمد علي باشا والأهرامات. وبعد عام من هذه الزيارة، منح السلطان العثماني إسماعيل باشا لقب "الخديوي" تقديرًا لإشرافه على مصر وحكمها. ولإحياء ذكرى زيارة السلطان، قرر الخديوي إسماعيل إنشاء شارع جديد يحمل اسم السلطان عبد العزيز، والذي يمتد من ميدان العتبة إلى قصر عابدين.

تسمية "مسجد العِظام"

كان الشارع الجديد يمر عبر منطقة درب المهابيل، وهي منطقة كانت سابقًا مقابر مهجورة خالية من الحياة، وبمجرد بناء الشارع، قام الخديوي إسماعيل بنقل رفات الموتى وعظامهم إلى مكان آخر، حتى لا يكون الشارع محفوفًا بالقبور، وعلى هذا الأساس تم بناء مسجد في مكان الرفات المنقولة، وبدأ يعرف باسم "مسجد العِظام"، يذكر أن المسجد لا يحتوي على قبة أو مئذنة، مما يمنحه طابعًا فريدًا بين المساجد الأخرى.

رواية أخرى لتسمية المسجد

هناك رواية أخرى تشير إلى أن اسم المسجد الأصلي كان "مسجد سيدي عبد القادر"، وكان يضم ضريح القديس عبد القادر. في الماضي، كانت المنطقة التي يقع فيها المسجد مقبرة، وبنيت فوقها المنازل التي تعتبرها الآن الأهالي جزءًا من منازلهم، وبمرور الوقت تغيرت تسمية المسجد إلى "مسجد العِظام" بسبب وجود عظام الموتى التي تم نقلها من المقبرة القديمة.

التجديد والشهرة

على مر العقود، خضع مسجد العِظام لعمليات تجديد وتجميل وفي العام 1997 م تم تجديد المسجد وإعادة تصميمه بالكامل، مما أعطاه مظهرًا حديثًا وجماليًا، وبفضل موقعه في درب المهابيل وتاريخه الفريد، أصبح المسجد معلمًا دينيًا بارزًا في القاهرة، يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالهدوء والروحانية في المكان وللاستمتاع بمشاهدة العمارة الفريدة.

المعمار والمميزات

يتميز مسجد العِظام بتصميمه البسيط والمتقن، يتألف المسجد من قاعة صغيرة تضم صفوفًا من العموديات الرخامية المزخرفة، يوجد أيضًا ساحة واسعة في الهواء الطلق أمام المسجد حيث يمكن للمصلين والزوار الجلوس والاسترخاء، يعكس المسجد الهدوء والسكينة، ويعتبر ملاذًا للباحثين عن السلام الداخلي والتأمل.

الأهمية الدينية والثقافية

يعد مسجد العِظام مكانًا ذا قيمة دينية وثقافية كبيرة في القاهرة، يتم استخدامه كمسجد لأداء الصلوات الخمس يوميًا، ويشهد توافد العديد من المصلين والزوار خلال فترات العبادة، كما يعد المسجد وجهة سياحية مشهورة، حيث يتمتع الزوار بفرصة استكشاف الثقافة والتاريخ الإسلامي في مصر.